الخميس، 12 أغسطس 2010

هذه تجربتي في صناعة الوعي


تجربتي في صناعة الوعي

د. عوض القرني


الوعي بالذات:
- الخلل في الفهم ينتج عن الخلل في الوعي بالذات، ومن هنا تنبع أهمية الوعي بالذات.
- هل نتحدث عن الوعي المادي الجسدي أو بذاته في جانبه العقلي الذي مازال الفلاسفة يخوضون فيه عبر آلاف السنين، هذا الشيء الذي يدرك كنهه ولا تدرك تفاصيله، فمكوناته المادية تشترك مع باقي المخلوقات، ولكن العقل هو ما ميز الإنسان ولذلك كان التكليف والسيطرة والسيادة على الوجود المادي مرهون بالعقل، فإذا ذهب العقل ذهب كل ذلك، والإنسان بعقله إنسان أكثر بأضعاف كثيرة مما هو إنسان، أم نتحدث عن الجانب النفسي الذي يدمج تفاعل العقل مع البدن مع البيئة، وهل نتحدث عن العقل؟


قبل البدء:
- الإنسان بهذه المكونات كلها استخلف في هذا الكون وكانت له وظيفة ورسالة ودور أهلت بمؤهلات ليؤديها ويقوم بها  ، وتحتها تأتي كل الجوانب الدينية والروحية.
- عندما نجد تطابقا بين المؤهلات والرسالة نعرف أن الإنسان أدى ما خلق له.
- كل المؤهلات أتت قدراً لا كسبا، فإذا أتت مع ما نزعم أنه رسالتنا وفطرة الإنسان فبديهيا أنها صحيحة ومنطقية.
- فطرنا وعقولنا ترفض الاقتناع بأن الأمور خلقت بلا غاية، وهكذا خلقنا، وهذا ما يجعلنا بديهياً نذهب بالأمور إلى أصحابها.
- من الخطأ البحث عن الأشياء وعن وظائفها ودورها الذي تؤديه عند غير صانعها أو المتخصص بها.
- (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون)، من ينكر خلق الله له فإما انه قد خلق نفسه أو أنه خلق من غير خالق والخيار الثالث أن هناك موجد، ولا يمكن تصديق غير الخيار الأخير.
- (قصة الشيخ الذي تأخر على الملحدين وقال لهم أن القارب الذي يصنع نفسه بلا نجار)


أول خطوات الوعي بالذات هي الوعي برسالتنا في الحياة أو صناعة الحياة:

  •  عندما نريد أن نعي ذواتنا من خلال وعينا برسالتنا فلا بد أن نتجه للبحث عن حقيقة هذه الرسالة عند من يملك التأهيل ليحدثنا بتلك الرسالة؛ لأن الله خلقنا وخلق الكون كله يتفق مع هذه الرسالة.

  •  إن لم نبحث عنها فحياتنا بلا معنى، بل قد يشقي الإنسان نفسه ويشقي الكون كله إذا لم يعرفها، قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ).

  •  يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) فحين لا يعي الإنسان رسالته يتحول هذا المذلل والرزق إلى فساد ودمار وشقاء.

  •  لم يكلفنا الله بما ترفضه عقولنا أو فطرنا

  •  حسب كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام، فإن رسالتنا في الحياة هي عمارة الحياة والدنيا والكون بعبادة الله على الطريقة الصحيحة ومقتضى وضوء منهج الله سبحانه وتعالى.


- لم يخلق الناس لينبذوا الدنيا، ومن الخطأ ما نراه من البعض الذين يجعلون الحياة الدنيا والآخرة كطرفي نقيض، فدين الله الحق يقول أنكم لن تسعدوا في الآخرة ولن تنالوا رضوان الله ما لم تعمروا العمارة الحقيقية، وبغير ذلك لن ينجو الإنسان في الآخرة.


إضاءات:
- العقائد التي تعتمد على الغيبيات والوحي محدودة، والشعائر محدودة، وإن كان لها تأثير دنيوي هائل، ثم يأتي بعد ذلك الباب الواسع التي هي الأحكام الدنيوية التي تتضمن كل التفاصيل حتى في المشي والنوم وغيره، وفي شتى المستويات؛ الشخصي أو الأسري أو الاجتماعي إلى غير ذلك من المستويات، وكلها في وحي الله من ميراث النبوة (‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا). ومن الخطأ ما يفعله البعض من نبذ كل هذا بجرة قلم تدعو لنبذ الدنيا بما فيها، وهذا ليس من دين الله، ولهذا دخلت تلك المرأة البغي للجنة بسبب كلب سقته
- لن تعمر الأرض بشكل حقيقي إلا إذا حولت إلى محراب لعبادة الله تعالى، وذلك بأن نجعل النظام التي تسير وفقه الحياة هو المنهج الذي جاء به من خلق الحياة، ولهذا يقول تعالى عمن فقه هذا المعنى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) وهذه الحياة الطيبة هي مطلب جميع الحضارات والتشريعات، وهنا يتعهد الله لنا بجميع المؤكدات (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) لكنه رتبه على إيمان وعمل صالح، وهذين لا يتحققان إلا وفق منهج الله تعالى، وإذا اختل أحد الشرطين لم تعد حياة طيبة، ثم ربط الدنيا بالآخرة بقوله سبحانه: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ). ولنأخذ الصورة المقابلة، قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) حياة ضنكا بحسب طبيعة إعراضه حتى لو توفرت له الدنيا، نرى الآن أن البشرية أبدعت في هذا الزمن في صنع وسائل الترفيه أكثر من أي زمن، وبالرغم من ذلك فهي تعيش الضنك والخوف والتهديد ما لم تعشه في أي عصر سابق، وهذا لأن الإعراض في زماننا أكبر. ثم ربطها بالآخرة بقوله (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى). إذا، فالسعادة الحقيقية في الآخرة مرتبطة بالدنيا، وهذه السعادة لا يمكن لأحد أن يحولك عنها أحد على الإطلاق سواء كنت فقيراً او غنياً أو معافى أو مريض وغير ذلك، ولكن من فضل الله أنه لم يجعل مفاتيح هذه السعادة بيد أحد.

حتى نجعل الحياة محراب لعبادة الله يقام فيها الحق والعدل، علينا:

  •  استمداد التوجيه من الله، وفي هذا تكليف وتشريف لنا وليس فيه إلغاء لشخصياتنا، كما أن فيه تفعيل لطاقاتنا وإمكانياتنا البشرية. وبهذا التوجيه سنتمكن من السير في طريق صحيح بدل التخبط يمنة ويسرة والغوص في الضنك، وقد قال الله تعالى عن هذا التوجيه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) ليس للمسلم فقط ولا للإنسان فقط أو الإنس والجن بل للعالم كله. وهذا منهج للعالم كله، وأول خطوات قيامه في داخل النفس (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) ، والنفوس البشرية فطرت على السير على تشريع وتوجيه ومنهج وتنظيم معين إما تسمو به وترتقي وترتفع وذلك بالسير على منهاج الله، أو أن يصنعه الإنسان بما فيه من فقر وظلم فيضيع.

  •  الإنسان فطر ليعمل، فخواطره وأفكاره وانفعالاته تحول إلى أشياء ملموسة، وهذه الطاقات لا بد أن توجه إلى الله تعالى، وهذه أعلى درجات الحرية التي يمكن أن يسعى إليها الإنسان، ومن صوره أنه لم يتح لأحد أن يشرع لك شيئاً حتى رسولنا عليه السلام، يقول تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) ، ويقول: (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) ولذلك سمي رسولاً، يقول تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)


- لقد أعطينا الخيار ونتحمل المسؤولية في اختيار المنهاج الذي نريد سواء كان من الله أو ليس منه، ولذلك قال (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم) ، وقوله تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)، فإما أن نختار منهاج الله أو نسرح بلا منهاج أو نقبل منهاج الله نظرياً ونرفضه عملياً.


المؤهلات  التي وضعها الله للإنسان من أجل تحقيق رسالته:

  •  أن الله خلق لنا هذه الكون، وأودع فيه كل ما يحتاجه الإنسان في رحلته أثناء تكليفه وحمله رسالته، فقد خلق هذا الكون قبل خلق الإنسان بملايين أو مليارات السنين، ولم يجد الباحثون حتى الآن عالماً يصلح لحياة الإنسان فيه مثل الأرض. فهذا الماء وهذه التربة وهذه الحرارة والبرودة وحبة الفاكهة وورقة الخضار قد خلقت قبلك بملايين السنين لتناسب حياة الإنسان.

  •  أن الإنسان خلق بمكونات وفطرة تجعله لا يصلح إلا لهذه الوظيفة وهذه الرسالة وهذا الدور الذي يؤديه، أي أنه لن يجد ذاته وسعادته.

  •  أن الإنسان أعطي المنهج الذي يسير وفقه كاملاً وشاملاً ومفصلاً وواقعياً، وأنزل له الوحي من الله سبحانه وتعالى، وتعاقب عليه الأنبياء والمرسلون.

  •   أن الله فطر الإنسان على التحرك وفق مرغبات، والتوقف عن العمل بسبب المخاطر والمخاوف، وقد أعد له في الدار الآخرة إما نعيم مقيم، وأقام الأدلة والمعجزات على صدق تبليغ الرسالة من قبل المرسلين ثم على وجود هذا النعيم الذي لا يخطر على خيال بشر، وفي المقابل نار جهنم، فإما أن تتكامل السعادتان (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) أو يكون شقاءان (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).

- فهذه المؤهلات الأربعة تمكن الإنسان من أداء رسالته كما أراد الله سبحانه وتعالى،

من القضايا المنهجية التي لا بد من الإشارة إليها عند الحديث عن الوعي بالذات:  
1. السنن الربانية:
إن هناك سنن ربانية حاكمة لوجودنا ولوجود الكون من حولنا، ولا بد أن نفقه هذه السنن حتى نستجيب لأمر ربنا ونعيش حياتنا بأعلى صورة من صور السعادة، وقد فطر الله عليها الوجود المادي والكوني كله، فهي إحدى المحددات التي على أساسها نوجد الوعي. وفقه السنن من أكثر الأمور التي يتوجب على المسلمين معرفتها لتوفر أدلتها لديهم. فالمنتج لم يوجده الناس ولكن البشر اكتشفوها والبعض وظفها لمصلحته، ومن ذلك صناعة الطائرات من مواد ثقيلة لكنها لا تسقط بفعل اكتشاف السنة، وهذا مثال بسيط، فهناك الكثير من الأمور الأخرى التي تنطلق من الفقه بسنن الله تعالى التي كانت قبلنا.
2. الاستطاعة والإمكانية وحدودها:
 أي ألا يعيش الإنسان في الخيالات والأوهام، ويمضي على خلاف سنن الله ؛ أي إذا أردت أن تكون مفكراً وعالماً ابدأ بالخطوة الأولى والصفحة الأولى.
3. البحث عن المصلحة والجدوى:
في ظرفنا الزمني والمكاني الحالي أن نبحث عن المصلحة والجدوى سواء في مواقفنا وردود فعلنا واستجاباتنا، والحديث عن تعريف المصلحة ومعانيها ثم تطبيقاتها يعد جزءاً من الوعي لأننا نشاهد في زمننا الحاضر من يطبق الأوامر المجردة دون تفكير في استجاباتها الزمانية والمكانية مما يسببهم للسقوط في مآزق لأنهم لم يعيدوا تأطيرها.
4. تكامل رؤية الإنسان وتفعيل إمكاناته (الفكر، والمشاعر، والسلوك)على المستويات المختلفة (الفرد، أو المجموعة، أو الأمة).
5. النظر في زوايا التشابه والاختلاف عندما نتطرق إلى أي قضية من القضايا ، فمن الخطأ النظر إلى جوانب التشابه وحدها أو جوانب الاختلاف وحدها.
6. النظر في الصورة الكلية والإجمالية في أي موقف أو حدث أو قضية، وكذلك الدخول في التفاصيل.
7. المرونة والثبات وإشكالياتها، فمن الخطأ تحويل القضايا كلها والتعامل معها بمرونة تامة، أو بثبات تام بدون أي مرونة.
  

إشارات سريعة:
- التعامل مع الكون:
 هناك محددات للتعامل مع الكون المادي:
1. العلم والفهم والاستيعاب لسننه وقوانينه وخصائصه ودقائقه التي بناه الله عليها، وكلما مضينا على هذا الطريق كلما كنا أكثر عبودية لله تعالى
2. التسخير والانتفاع بهذا الكون، فالله وهبنا إياه وذلله لنا ، فكيف نحقق هذا المعنى؟ وكيف ننتفع به؟
3. الصيانة والحفاظ عليه، والكثير من الأحكام في ديننا أتت لصون البيئة والمحافظة عليها وتنقيتها ومنع الفساد عنها.
4. التذوق والاستمتاع بجماليات هذا الكون، كالسماء والنجوم والكواكب والنباتات، ومن ذلك قوله تعالى (من كل زوج بهيج) عند وصف الأزهار.
5. حب الكون الذي خلقنا منه ونعيش عليه وفيه مسكننا وطعامنا وشرابنا.

لكل إنسان مرشحات إن لم يتعامل معها بالوعي ستفرض عليه وهماً يظنها وعياً، ومنها:
1. الرواسب التي ترسبت في النفوس عبر التاريخ الثقافي والبيئة ومن الأسرة وغيره فأصبحت لها في النفوس قوة المعتقد واحترام القيم دون أن نعي أو ونحن نعي، فيمر كل جديد عبر هذا الفلتر أو المرشح ليعيد تشكيله، وبسبب هذا المرشح حرفت الديانات السابقة وحمل دين الله في تاريخنا كثير من المقولات التي هي آراء واجتهادات بشرية لم يأت بها دليل.
2. المعايير الشخصية التي تشكل قاعدة في اللاوعي قد لا يستطيع الإنسان تحريكها.
3. الثقافة، والتي قد لا نملك في أحيان كثيرة التحكم فيها، ولكن السؤال هل تستطيع التحكم في تأثيرها عليك؟
- فهل نتعامل مع هذه المفلترات تعاملاً واعيا؟ هل نسيطر عليها أم تسيطر هي علينا؟

- نجد أن الأئمة المجتهدين في تاريخنا يعملون على صناعة بيئاتهم ومجتمعاتهم وطاقاتهم أنهم –في الغالب- ليسوا نتاجاً لبيئاتهم، بل إنهم ينفضون الغبار الذي تراكم فأصبح الناس يعتبرونه من الحقائق. ولهذا فهم يواجَهون بثورات لأن الناس لهم طريق وهم تمردوا عليه وتعاملوا معها بوعي وعقل ومنطق.
- في كل قضية من قضاياك، سواء كانت من قضايا الفكر أو الثقافة أو غيرها فلا بد أن تحدد هدفك، وإلا فسيضيع وقتك في الطريق الخاطئ.


إجابات د. عوض القرني على أسئلة الجمهور:

السؤال: ذكرتم أن الوعي بسنن الله وبالكون يماشي الإنسان في سبيل إيصال رسالته، ولكن هناك بعض المعوقات التي يواجهها الإنسان منها الأصنام الفكرية كما ذكرتم، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) فالليبرالية والعلمانية أيهما أخطر في المواجهة، وما هو السبيل للوعي الكامل بهذه الأمور؟
الإجابة:
- لقد كنت بصدد الحديث عن القراءة والثقافة والمذاهب الفكرية والفلسفية والتيارات السياسية في المنطقة والعالم لكن الوقت لا يكفي، المخاطر التي تواجه الأمة الآن، وأرتبها من حيث خطورتها:
1. الأمراض التي تعشش في الصف الإسلامي من حيث فعاليتها لا ذاتها؛ لأن الإسلاميين هم الأطباء وحملة ميراث النبوة والمحافظون على الهوية. والحاملين لميراث النبوة من بقايا الأمة المسلمة هم أمل البشرية، ولن يتبدل حال الأمة ما لم يتبدل حال المسلمين، ولن يتبدل حال العالم ما لم يتبدل حال الأمة.
2. الأمراض التي تعشش في سواد وجمهور الأمة المسلمة، كالجهل والمعاصي وغيرها.
3. ...
4. الخطر الخارجي الذي يستهدف أرضنا ومقدساتنا وهو أقل الأخطار، فلو كانت الأمة أهلا لحماية ما لديها لما تدخل خارجي. وهنا موقع العلمانية والليبرالية التي تأخذ مكانها بسبب ضعف الأمة.
- الليبرالية فرع من فروع العلمانية، وقد حققت العلمانية إنجازا للغرب قياسا بظروف خروجها ونشأتها، ومن الخطأ أن تستورد وتستنبت في واقع مختلف، لأن ديانة النصرانية لديهم كهنوتية فقط للعبادة بعكس الإسلام.

السؤال: نلاحظ تسرب الشباب، فهل هذا ملاحظ من قبل المشايخ؟ ولماذا تحدث هذه الظاهرة؟ كيف التصرف معه خاصة حين يوضع المشايخ في قفص الاتهام؟
الإجابة:
أن يوجد من يتسرب أمر طبيعي، والقرآن تحدث عن مثل هؤلاء، لكن أن يصبح تيارا جانبيا فهذا خطير، ولا يعفينا هذا من البحث عن الأسباب، فإن كانت ناشئة من تقصيرنا نحن كدعاة فلا بد من معالجتها وتحمل المسؤولية والاعتراف وتقويم أنفسنا باستمرار، فنحن لسنا معصومين ونفرق بين من أراد الحق فأخطأ أو أراد الباطل فأصابه.
وأما الأسباب، فمنها:

  •  من الصف الإسلامي نفسه وعدم قدرتهم على التكيف مع المستجدات والارتقاء بطرقهم
  • الهجمة الشرسة على الصحوة الإسلامية
  • الضعف البشري الذي يطغى على النفس البشرية

كيف نتعامل؟
لا بد من دراستها وتحليلها والتعامل معها تعاملا رشيدا وأن نطور أساليبنا وطرقنا.

السؤال: ما هي حدود طلاقة العقل في مجال العقيدة والفكر؟
الإجابة:
* العقل لا يملكه لا صاحبه ولا الآخرين أن يحجروا عليه، فهو يتحرك ويمضي. لكن السؤال ما هي الضوابط المنهجية لنحفظ عقولنا للمحافظة عليها؟
- في قضية العقيدة لدينا غيبيات، وبالتالي دور العقل الفهم والتسليم، فالله لم يكلف عقولنا مالم تخلق له، فكيف نتحدث عن غيب لا نستطيع أن نصل إليه؟ ونوظف عقولنا فيما خلقت له.
- في العبادات والشعائر فتنتج بدعاً قد تمنع الإنسان من الاستمرار في بناء الكون. فحدت العبادات بحدود وإن كان فيها مجال للتفكير، ولكن نبقى في إطار المحدود، "الأصل في العبادات الحظر والمنع".
- في قضايا المعاملات فالأصل الإباحة، لأن القضايا الحياتية أقيمت وجبل الإنسان على فهمها.
وعندما نلتزم بهذه المعالم المنهجية نستطيع المحافظة على عقولنا.\ ونستثمر طاقتها فيما خلقت له.
- أما في قضايا الفكر فإما أن يكون في الكون المادي المحسوس، ومجاله مفتوح للتفكير والتجربة، وإما أن يكون في قضايا التشريع فلا نتبع إلا ما نزل من الله تعالى وليس فيه حجر على العقول لأنه مرفق بالأدلة والبراهين. وأصول الفقه يسمونه فلسفة الإسلام أو نظام الفكر الإسلامي ولذا فهو يواجه بعض الهجمات من العلمانيين وغيرهم.

السؤال: كيف نعالج أو نتجاوز الأمراض في صفوف الإسلامي حتى نصل للتكامل بدل الصراع؟
الإجابة:
هناك حاجة لإعادة النظر في مناهجنا التربوية، فعندما نربي على أخطاء ثم نلومهم على الأخطاء فهذا خطأ، والمشكلة تربوية ويتلوها الجوانب الأخرى. إننا بأشد الحاجة لترسيخ قيم ومفاهيم وأحكام وآداب فقه الخلاف وحقوق الأخوة والتعامل بين المسلمين، وإذا افتقدناه بين صفوف الإسلاميين هذا فأين نجده؟
والبداية تكون بنفسك، وشكل نقطة مضيئة، والنور بطبيعته مغري ويجعل الناس يقبلون عليه، ثم تتكاثر الأنوار وتنجو الأمة.

السؤال: إنكار البعض للذات المادية بالممارسات الخاطئة لماذا؟ والدور الطبيعي الذي يمارسه الصحابة كان دورا طبيعيا وبعيدا عن كثرة الحديث، فماذا نفعل نحن؟
الإجابة:
- نحتاج للنظرة الوسطية بدون إفراط أو تفريط.
- موضوع التنظير، فالمناطقة يقولون: "أول الفكر آخر العمل" وكلما كان التنظير أكثر وضوحا وبيانا وإقناعا كلما كان العمل أنضج، نحن نريد أن نكون عمليين لكن ليس بعيدا عن الفكر، والإنسان لا يستطيع أن يعمل ما لم يعلم. والصحابة كان منهم علماء ومتوسطون وعاملون. وأرى أننا في قضايا الفكر والتنظير لا زال هناك تخلف كبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق